كيفية التعامل مع المشكلات والابتلاءات - مزيج من افكارى وكلماتى -->

كيفية التعامل مع المشكلات والابتلاءات

القرآن يعلمنا منهج التعامل مع المشكلات والابتلاءات

 من سلسلة القرآن يعلمنا

منهج التعامل مع المشكلات والابتلاءات

القرآن يعلمنا كيفية مواجهة المشكلات والابتلاءات؛ وطرق التفكير في أسبابها؛ وحلها وعدم تكرار الوقوع فيها؛

ونحن نتعامل مع ذلك غالباً بنظرة أحادية محدودة قاصرة الهدف؛ منها إلقاء المسئولية علي أي شخص؛ أو ظرف بعيد عنا دون الوصول إلي حلول واقعية حقيقية لحل المشكلة؛ والتعامل معها بشكل صحيح 

والقرآن يعلمنا النظرة الشاملة عند التعامل مع الابتلاءات والمشاكل وكيفية تجنبها

ومن ذلك :

القرآن يعلمنا منهج التعامل مع المشكلات

١_البحث عن الأخطاء الشخصية بشجاعة وصدق وعدم تجاهلها أو إخفائها

فما أسهل أن يلقي الواحد منا اللوم علي عشرات الأشخاص؛ والظروف والمؤامرات والحظ السيء والحقد والحسد كحيلة نفسية سهلة لإراحة ضميره؛ أنه لم يخطئ ولتحميل المسئولية علي غيره؛ أما القرآن فيعلمنا في مواقف كثيرة ومتكررة أنه لابد من المصارحة الداخلية أن أحد أسباب المشكلة هو ( أنا أو نحن ) بلا خجل أو مواراة

قال الله عن الصحابة لما تعجبوا من الهزيمة يوم أحد :((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ  )) هكذا بمنتهي الصراحة.

قال تعالي : ((حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ)) 

وبينت الآية بشكل واضح أن من أسباب الهزيمة أسباب من عندكم أنتم؛ ولاحظ في الآية ضمير المخاطَب ( فشلتم _ تنازعتم _ عصيتم _ منكم من يريد الدنيا)

وأخبرنا عن يونس عليه السلام : ((فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )) 

وعن آدم وحواء : ((قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))

وعن موسي عليه السلام : ((قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي))

فهذا المنهج واضح جداً في القرآن علي مستوي الأفراد؛ كما حدث مع أنبياء الله عليهم السلام وهم أفضل البشر وأكملهم؛ وعلي مستوي المجتمعات كما حدث مع الصحابة رضوان الله عليهم في غزوة أحد؛ وكانت الرسالة واضحة والمواجهة صريحة؛ ولكن حال البعض منا حين تخبره بالتفتيش أولاً عن الأخطاء الشخصية؛ مش وقته الكلام ده؛ يعني إنت سايب كل دول وجاي تكلمني أنا وتحط اللوم عليا؛ إنت عاوز تهدمني!!!

ولو رجعنا لمنهج القرآن في التفكير لوجدنا

((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ))

وأن أحد أسباب زوال النعم وتغير الحال هو أن الإنسان هو من غيَّر حاله مع الله ((ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حتى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))

إذن لابد من مواجهة صادقة صريحة مع النفس بعيوبها وأخطائها؛ وأنني أنا أحد أهم أسباب المشكلة؛ وهذه العيوب ليست الذنوب وفقط؛ بل هناك أخلاق وصفات أخري تحتاج إلي إصلاح كالتردد أو الخوف الشديد أو العصبية الزائدة؛ أو الكسل أو التواكل أو السذاجة في التعاملات أو التسرع في اتخاذ القرارات؛ أو الفوضى النفسية وعدم تحديد الأولويات؛ أو كثرة التطلع لما في أيدي الغير؛ أو التعجل في تحصيل المكاسب

٢_السعي الجاد علي إصلاح النفس وعدم تكرار الأخطاء

 نفوسنا وشخصياتنا فيها عيوب كثيرة تحتاج إلي إصلاح وتهذيب؛ وهذا الإصلاح والتحول إلي الصفات الطيبة الإيجابية السوية ممكن بإذن الله؛ ولكنه يحتاج إلي استعانة بالله؛ فكان من دعائه صلي الله عليه وسلم (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت)

وإذا كنا قد جُبِلنا علي بعض الصفات التي تحتاج منا إلي إصلاح كما ذكرناها في أول نقطة؛ فإن ديننا حثنا علي مجاهدة النفس وإصلاحها؛ فيقول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ)

ولا يظن أحد أن مشوار التغيير قصير بل هو يحتاج إلي صبر ومجاهدة وتكرار للمحاولات وعدم اليأس من إصلاح النفس... وليوقن الإنسان منا أن الله قادر علي كل شيء ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) فقط سلم نفسك وقلبك وعقلك وشخصيتك للقرآن والسنة وستري العجب بإذن الله  


٣_التفكير متعدد الجوانب

لا تنظر إلي المشكلة بعين واحدة فقط؛ تأكد أولا أن هذا قدر الله عليك؛ ولابد أن يصيبك فلا ترهق نفسك بافتراض أنك لو فعلت كذا ما كان ليحدث هذا

((مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)))؛ ((مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))

ويقول صلي الله عليه وسلم : ( واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك)

ويعلمنا القرآن تلك النظرة المتعددة في تحليل أسباب الهزيمة يوم أحد فبالإضافة إلي مخالفة أمر النبي صلي الله عليه وسلم فكذلك ((وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ* وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ))؛ والجانب الآخر هو اكتشاف حقيقة النفس وظهور عيوب ما كانت لتظهر إلا بمواقف تظهرها وتجليها؛ وهذا خير كبير للمؤمن الموفَّق ليجتهد في إصلاح نفسه؛ ولا يركن إلي أنه في أفضل حال؛ ولكن الظروف ومكر الماكرين وتخطيط المخططين هو السبب في ما وصل إليه ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ))


٤_الصبر الجميل

 بعدم التسخط علي أقدار الله واليقين أن هذا الصبر يهذب نفسك ويربيها

 ((أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) ((قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)) ((فصبر جميل)) ولعل هذا الابتلاء فيه خير كبير في نضج تفكيرك؛ وفهمك لسنن الحياة وطبيعة من حولك؛ بل قد يكون فيه تهيئة لك لاستقبال فتوحات من الله عليك في دينك ودنياك

فعلي الرغم من أن يوسف عليه السلام كان أفضل عند الله من إخوته؛ إلا أنه حُرِم من أبيه وبقوا هم بجواره؛ وعلي الرغم من أنه أحب إلي الله من صاحبه في السجن؛ إلا أنه خرج من السجن قبله؛ وبقي هو في السجن بضع سنين؛ وما كان ذلك، إلا تهذيبا لنفسه وادخارا لما هو أعلي وأفضل له؛ فبعد تلك السنين خرج ليكون ممكناً علي خزائن الأرض؛ ((قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ))


٥_التفاؤل وإحسان الظن بالله مهما كان الكرب ومهما طال زمن البلاء

 ((ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))؛ ((إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين))؛ ((عسي الله أن يأتيني بهم جميعا))؛ ((وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ))

((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا))

((وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ))


٦_لا تكثر الشكوي والحديث مع الناس عن مشاكل حياتك

 وتأدب مع الله عز وجل فلا تشكه لأحد من خلقه؛ فهو وحده القادر علي تغيير الحال وتفريج الكرب؛ ((وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ)) ؛ وها هو القرآن يقص علينا كيف تعامل الأنبياء عليهم السلام مع الابتلاءات التي مروا بها؛ ولمن لجأوا واشتكوا حالهم وكربهم

((وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))

وزكريا عليه السلام ((إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا ٣ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَيۡبٗا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّٗا))

ويعقوب عليه السلام حين أراد أن يشكو لم يلجأ لأحد من البشر ((قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ))


No comments:

Powered by Blogger.