بين الدين والحياة - مزيج من افكارى وكلماتى -->

بين الدين والحياة

بين الدين والحياة

بقلم الدكتور رضا عبد الغنى
من سلسلة القرآن يعلمنا

 هل يمكن أن أجمع بين الدنيا والدين؟

هل يوجد تعارض بين التدين والاستمتاع بالحياة؟

من أخطر المداخل التي دخل بها شياطين الإنس والجن إلي قلوب المسلمين إيهامهم بضرورة الفصل بين الدين والدنيا وأنك إما أن تلتزم بتعاليم دينك وتترك الدنيا بالكلية وإما أن تنطلق في الدنيا تستمتع بها كما تشاء نفسك بعيداً عن قيود الدين

القرآن يعلمنا

ولكن القرآن يعلمنا أن هذا تصور خاطئ وفكر منحرف وفهم مغلوط لتصور الدين والدنيا... وقص علينا نماذج للجمع بين القوة في الدين والقوة في الدنيا... ووضع لنا القواعد التي نقيس عليها إذا تعارض الجمع بينهما فإلي أي اختيار ننحاز... ووضع لنا كيف نستغل الدنيا من أجل ديننا وكيف نستفيد من ديننا لنصلح دنيانا... ففهم العلاقة بينهما يحتاج إلي توفيق من الله عز وجل ووضع كل منهما في مكانته الصحيحة

بين الدين والحياة


نقرأ في سورة الكهف عن قصة أولئك الشباب المؤمنين الذين فروا بدينهم إلي الكهف فبعد أن استيقظوا وأرادوا أن يبعثوا واحداً منهم ليشتري طعاما لهم من السوق (( فَٱبْعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍۢ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ))... فمع إيمانهم وتقواهم وتضحيتهم بحياتهم المرفهة من أجل دينهم وعقيدتهم طلبوا أطيب الطعام

وقص القرآن علينا قصة داود عليه السلام الذي كان يسبح الله فتسبح معه الجبال والطير في مشهد تعبدي مهيب ((وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)) ... والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا )... تأمل هذا العبد الرقيق المتعبد المخبت المُسَبِّح الصوَّام القوَّام... ثم تأمل الجانب الآخر من شجاعته وإقدامه وقوته حين قال عنه القرآن ((فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ))... نعم هو الذي تقدم لقتال جالوت قائد العماليق فقتله بإذن الله تعالى... وقال عنه النبي ﷺ : (كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده) رواه البخاري.... وكان يعمل حداداً عليه السلام

فتأمل هذا المزج بين التعبد لله والقوة والشجاعة في مواجهة الأعداء والحرص علي التكسب من عمل اليد وليس اتكالاً علي أحد من البشر

ومن الدعاء الذي تعلمناه من القرآن ((وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))

فلم يقتصروا علي أن يطلبوا من الله عز وجل حسنة الآخرة وهي الجنة بل طلبوا أيضاً حسنة الدنيا ويدخل فيها الكسب الحلال والزوجة الصالحة والرزق الطيب

وقص علينا القرآن قصة ذي القرنين ذلك القائد الممكن ((وَيَسۡ‍َٔلُونَكَ عَن ذِي ٱلۡقَرۡنَيۡنِۖ قُلۡ سَأَتۡلُواْ عَلَيۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا ٨٣ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا))

فمع كل قوته وتمكنه وقوة جيشه كان ذا عقيدة قوية راسخة ((قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوۡفَ نُعَذِّبُهُۥ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِۦ فَيُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا نُّكۡرٗا ٨٧ وَأَمَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُۥ جَزَآءً ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَسَنَقُولُ لَهُۥ مِنۡ أَمۡرِنَا يُسۡرٗا)) 

وبعد أن استعمل قوته العسكرية والعلمية في بناء السد العظيم قال يمنتهي التواضع والانكسار لله (( هَٰذَا رَحۡمَةٞ مِّن رَّبِّيۖ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ رَبِّي جَعَلَهُۥ دَكَّآءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّي حَقّٗا))

وسليمان عليه السلام لما علمه الله لغة الحيوانات وفهم ما قالته النملة فقال بمنتهي الذل لله ((رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ))

والقاعدة التي وضعها لنا القرآن ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ))

فالاستمتاع بمتع الدنيا جائز ولكن بشروط... أن يكون حلالاً وبلا تبذير أو إسراف وألا يشغلك عن طاعة

بل حين نبحث كلنا عن السعادة والراحة والحياة الطيبة أخبرنا القرآن ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))

فتأمل كيف أن #القرآن_يعلمنا أن عمل الصالحات والتزام شرع الله سبب لأن يعيش الإنسان حياة طيبة

No comments:

Powered by Blogger.